السبت، 15 يناير 2011

طابت ذكراك





في النهر الصغير بدأ حكايته .. عاش؛ حياته الهادئه ... تتدفق الايام تلو الايام ... متشابهه لا بأس ... مبطئه احيانا ومتسارعه  في اوقات اخرى ... يشعر ببطئها عندما يتعكر صفو الماء من حوله بفعل فاعل ... وتتسارع عندما تزول الكدرة وتحركها نسائم الفرح ... ثم يمضي  فلا مجال لديه للتوقف ... ولا يمكنه مهما كانت حجم احزانه ومهما كانت مكانة من فقدهم  ... فالتيار رغم هدوءه يدفعه ... لم يعتد الوقوف  بوجهه ... يوقن ان الاتجاه عكس التيار و لو كان وقوفاً لا جدوى منه ... يعتبرها اضاعة للوقت و خسارة للجهد ... فالحياة في النهر لن تقف لاعتراضه ولن يجد من الاخرين الذين فهموا طبيعة الحياة اي مسانده  ...  فالامر بات واضحًا للجميع ... باتت شخصيته كالتهر الذي عاش فيه زمنًا ... فالهدوء وصفه ... و الفيض عطاؤه ... و الجفاف حزنه ... و الجمال حكم العين عليه ... حتى التميز كان من نصيب كل من اقترب منه.

كان يعلم ان حياته في النهر غير دائمه فالنهر يسير ومرحلته القادمه هي مصب النهر ... ليواجه فيها امواج البحر و اشياء اخرى كثيره ... و لكن لطول النهر ... تأخر في الوصول الى المصب ... و صل بعد ان اكتملت شخصيته ... وكان اصطدامه بملوحة الحياة الجديده امراً غير يسير لكنه كان  متشبعاً بعذوبة النهر ... في البحر كان هدفه ان يغلف  لؤلؤته و اهم ما يملك بصدفة قويه لكي لا يتأثر بياضها ... فلم يتسرب الى داخله شيئاً من ملوحة بيئته الجديده ولكنه احسن استغلال المتاح لحماية جوهرته  ... اختلط باحياء البحر فكان متميزًا بينها لم يكن الاقوى و لكنه الانقى ... عانى الكثير في حياة البحر ... كان يحسن التجديف معتمداً على نفسه ... فوصل لهدفه دون ان يتنازل ودون ان يسلبه احد شيئا من كنوزه التي  احتضنها و دافع عنها بقوه  ؛ دون ان يعادي احداً  ...  عاش في بحرنا زماناً يُعلم و يٌرمم صدف قلوبنا حتى لا تغيره الايام .


 في تواضع ارسى لمن حوله  منهاجاً لاشياء كثيره ... هداهم  الى أسرارالنفوس ومفاتحها بطريقة عمليه ... وارشد لاقصر الطرق الى الاخر ... كان دوماً يقول: "ما اجمل قلوب البشر ... فيها الصالح وان كان فيها الطالح و لكن الخير نحن من نصنعه" ... اتعجب من مقولته ... شبه الدائمه لنا:" فتشوا عن الحب بقلوب الآخرين ... ليس لحاجتكم له ... و لكن؛ لان هذه القلوب بها من الخير ما يستحق اكتشافه ... بها من الحب ما يمكن به اصلاح الكون  اذا تمكنا جمعها من جديد" ... دعى كل فريقه صغيرهم قبل الكبير ليشاركه سلطته ... فنادراً  في زماننا من يدعوا غيره ليشاركه سلطاته ... فالكل يخاف عليها يبذل لها حتى وان كانت سلطة على الورق ... اما هو  ...  فالامر عنده ايادٍ ان لم تتشابك كلها فلن تنجز شيئاً ... وسلطته ليست الا اداة لجمع كل هذه الايادي لتعمل بروح واحده

 ثم رحل سريعاً ... وطريقنا نحن؛ صغار معاونيه مازال في بدايته، لكنه ترك فينا اثراً... فمهما قدمنا فلن نوفيه حقه ...
 لم تكن كالاخرين ابدا ... عشت خفيفاً من قيد النفس و قيد الماده ... حتى ابسط  مباهج الحياة التي يملكها امثالك لم تلتفت لها ... رحلت خفيفاً كما عشت بيننا ... ستظل ذكراك في  نفوسنا عذبة كعذوبة النهر الذي حملك الينا، عطرةً كعبق الزهور على جانبي ذلك النهر، عالية المكانة  نتمنى جميعنا ان نصل  اليها يوماً.

رحمك الله رحمة واسعه


هناك 4 تعليقات:

اللهم أحسن خاتمتنا يقول...

نداء وكرسى السلطة اختى ايات له بريق قلما ينادى من فوقه لغيره ان يشاركه السلطة
لكن هنا رايت مقياسا جديدا او كأنى أرى كرسى سلطة جديد اتمناه فى زماننا هذا
دائما اقولها ان الخير من عند الله
ولكن الشرور هى نتاج ما كسبت ايدينا
نعم ما كتبتى اخى وراق لى كثيرا ما خطت يدك
انتظر جديدك دائما اختى ايات
اخوكى احمد

Ayat Ahmed يقول...

يسعدني كثيرً تواجدك بين سطوري المتواضعه اخي الفاضل أ/أحمد ... مشجعاً و مناقشاً ...
رغم قلة العاملين بمقياس السلطة المطروح هنا الا انهم فعلاً موجودين بيننا و لكنهم غير ساعيين للمناصب .. و حين تؤل اليهم بالصدفه في ظل الانظمة المؤسسسيه المتراجعه ... يكونون معيناً لا ينضب لهذه الكراسي ... مكن الله كل مجتهد من اصحاب الضمائر في بلادنا.

أمـانـى عـادل يقول...

مبدأ سليم أنه لم يختلط بالغير إلا بعد إكتمال شخصيته ، حيث أصبح من السهل عليه أن يؤثر بهم دون ان يتأثر بهم ، يغيرهم دون أن يتغير هو ، يصلح فسادهم دون ان يفسد هو ، يخرج احلى ما بهم دون ان يسوء هو ،
ومبدا رائع ألا يرى نفسه فوق أحد فجميعنا ذوى صواب وخطأ وذوى خير وشر ، المهم ان يفتش كلٌ منّا على الصواب والخير وينميه ، ويفتش عن الخطأ ليصلحه وعن الشر ليقضى عليه ، والأهم تشابك الأيادى لأجل مصلحة الفريق.
أخيراً : ما أجمل أن تكون غائب حاضر على أن تكون حاضر غائب ، يحيا الإنسان خفيفاً بين الناس ، لكنه يرحل ويترك أثر بنفس كل منهم ، يفنى وتظل سيرته تعطر المكان.
أيات،،إن كانت كلماتك فقط من خيالك لا أكثر فهى جميلة ، أما إن كانت من واقعك فهى أجمل
لأنك حينها تشيرى بكلماتك إلى إنسان بعينه تأثرتى به مما دفعك للتعبير بالكتابة ، وهذا انا اراه أجمل.
حفظك الله ووفقك

Ayat Ahmed يقول...

بل هو حقيقة ... واقع غير معظم الواقع الذي نعايشه ..رحمة الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته

2/4/2023

كيف لأمل طال انتظاره أن يتحول لألم و أن نقول ليته لم يكن ؟! كيف لبكاء الفرح أن يتحول بكاء حزن! كيف تكون الحياة بهذا السخف و هذا الغدر ! الحي...