بعض الأماكن ليست مجرد جدران ، بعضها يمثل لنا حياة
حياة بكل تفاصيلها..
حكايات و حكايات نُقشت على كل جدار فيها، لونت تلك الأماكن و جدرانها
تأبى الأماكن في كل لحظة نمر عليها إلا أن تذكرنا بهم
بكل يوم مر علينا معهم
يوم أمسكوا بإيدينا في قارعة الطريق حتى نعبر
يوم كفكفو دموعنا
و يوم الرحيل و الدموع تسكن عيناي و ظل الفراق يقترب منا!
مازالت ترتسم ملامحهم على كل شبر في تلك الأماكن، يفوح منها عبق ذكرياتنا معاً
ذكريات نستنشق رائحتها عبر قلوبنا
ضحكاتهم و أصواتهم، لمسة أيديهم بدفئها و حنانها
حتى عتاب أعينهم يوم الرحيل مازال محفوراً في تلك الأماكن
و كأن الأماكن تعاتبنا على رحيلنا و نحن المجبرون عليه!
وكأننا نعاتب كل جدار و كل درب كُتب عليه أننا مفارقون لا محال!
لم أكن أحب تلك الأماكن إلا لأنها جمعتني بهم يوما ما
ثم يمضي العمر بنا سريعاً و أود لو دفعت ما بقى من عمري لأعيد الأيام و أهلها
و تعود يد حانية تشبثت بها طويلا في تلك الطرقات و داخل الحجرات و ما عهدت منها إلا حبا و رحمة بي، و ذراعين طالما التفت حول قلبي تضمه كي يهدأ من خوفه
و كل خوفي حينها أن تفارقني!
و لا يبقى لي سوى ألم الذكريات و رائحتها و مرارتها
و كلي يقين أني لن أجد مثلها و لن يعادلها أحد فالجميع دونها متساوون!
و ما تزيدني الأيام إلا حنيناً و لهفة و بكاءاً
و يردد قلبي مؤلمة هي الذكريات، مؤلمة في كل الأحوال!